فصل: تفسير الآيات (27- 32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآيات (22- 26):

{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)}
{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ} زيادة على ما كان لهم، {وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} من أنواع اللحمان.
{يَتَنَازَعُون} يتعاطون ويتناولون، {فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا} وهو الباطل، وروي ذلك عن قتادة، وقال مقاتل بن حيان: لا فضول فيها. وقال سعيد بن المسيب: لا رفث فيها. وقال ابن زيد: لا سباب ولا تخاصم فيها. وقال القتيبي: لا تذهب عقولهم فيلغوا ويرفثوا، {وَلا تَأْثِيمٌ} أي لا يكون منهم ما يؤثمهم. قال الزجاج: لا يجري بينهم ما يلغي ولا ما فيه إثم كما يجري في الدنيا لشربة الخمر. وقيل: لا يأثمون في شربها.
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} بالخدمة، {غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} في الحسن والبياض والصفاء، {لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} مخزون مصون لم تمسه الأيدي. قال سعيد بن جبير: يعني في الصدف.
قال عبدالله بن عمر: وما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام، وكل غلام على عمل ما عليه صاحبه.
وروي عن الحسن أنه لما تلا هذه الآية قال: قالوا يا رسول الله: الخادم كاللؤلؤ المكنون، فكيف المخدوم؟.
وعن قتادة أيضًا قال: ذكر لنا أن رجلا قال: يا نبي الله هذا الخادم فكيف المخدوم؟ قال: «فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب».
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} يسأل بعضهم بعضًا في الجنة. قال ابن عباس: يتذاكرون ما كانوا فيه من التعب والخوف في الدنيا.
{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا} في الدنيا {مُشْفِقِينَ} خائفين من العذاب.

.تفسير الآيات (27- 32):

{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)}
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} بالمغفرة، {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} قال الكلبي: عذاب النار. وقال الحسن: {السموم} اسم من أسماء جهنم.
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ} في الدنيا، {نَدْعُوهُ} نخلص له العبادة، {إِنَّه} قرأ أهل المدينة والكسائي {أنه} بفتح الألف، أي: لأنه أو بأنه، وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف، {هُوَ الْبَرُّ} قال ابن عباس: اللطيف. وقال الضحاك: الصادق فيما وعد {الرَّحِيمُ}.
{فَذَكِّرْ} يا محمد بالقرآن أهل مكة، {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} برحمته وعصمته، {بِكَاهِنٍ} تبتدع القول وتخبر بما في غد من غير وحي، {وَلا مَجْنُونٍ} نزلت في الذين اقتسموا عِقَابَ مكة يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والسحر والجنون والشعر.
{أَمْ يَقُولُونَ} بل يقولون، يعني: هؤلاء المقتسمين الخراصين، {شَاعِرٌ} أي: هو شاعر، {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك من قبله من الشعراء، ويتفرق أصحابه وإن أباه مات شابًا ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه، و{المنون} يكون بمعنى الدهر، ويكون بمعنى الموت، سُمِّيَا بذلك لأنهما يقطعان الأجل.
{قُلْ تَرَبَّصُوا} انتظروا بي الموت، {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} من المنتظرين حتى يأتي أمر الله فيكم، فعُذِّبوا يوم بدر بالسيف.
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} عقولهم، {بِهَذَا} وذلك أن عظماء قريش كانوا يُوصَفُون بالأحلام والعقول، فأزرى الله بعقولهم حين لم تتميز لهم معرفة الحق من الباطل، {أَمْ هُمْ} بل هم {قَوْمٌ طَاغُونَ}.

.تفسير الآيات (33- 37):

{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)}
{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} أي: يخلق القرآن من تلقاء نفسه، والتقول، تكلف القول، ولا يستعمل إلا في الكذب، ليس الأمر كما زعموا، {بَلْ لا يُؤْمِنُونَ} بالقرآن استكبارًا. ثم ألزمهم الحجة فقال: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}، أي: مثل القرآن ونظمه وحسن بيانه، {إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} أن محمدًا يقوله من قِبَل نفسه.
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} قال ابن عباس: من غير رَبٍّ، ومعناه: أَخُلقوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق؟ وذلك مما لا يجوز أن يكون، لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم، فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق، {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} لأنفسهم وذلك في البطلان أشد، لأن ما لا وجود له كيف يخلق؟
فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقًا فليؤمنوا به، ذكر هذا المعنى أبو سليمان الخطابي.
وقال الزجَّاج: معناه: أخلقوا باطلا لا يحاسبون ولا يؤمرون؟ وقال ابن كيسان: أخلقوا عبثًا وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون، فهو كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء أي: لغير شيء، أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر؟
{أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأرْض} فيكونوا هم الخالقين، ليس الأمر كذلك، {بَل لا يُوقِنُونَ}.
{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} قال عكرمة: يعني النبوة. قال مقاتل: أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاؤوا؟ قال الكلبي: خزائن المطر والرزق، {أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} المسلطون الجبارون، قال عطاء: أرباب قاهرون فلا يكونوا تحت أمر ونهي، يفعلون ما شاؤوا. ويجوز بالسين والصاد جميعًا، قرأ ابن عامر بالسين هاهنا وقوله: {بمسيطر}، وقرأ حمزة بإشمام الزاي فيهما، وقرأ ابن كثير هاهنا بالسين و{بمصيطر} بالصاد، وقرأ الآخرون بالصاد فيهما.

.تفسير الآيات (38- 42):

{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)}
{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ} مرقًى ومصعد إلى السماء، {يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي يستمعون عليه الوحي، كقوله: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} [طه- 71] أي: عليها، معناه: ألهم سُلَّمٌ يرتقون به إلى السماء، فيستمعون الوحي ويعلمون أن ما هم عليه حق بالوحي، فهم مستمسكون به كذلك؟ {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ} إن ادعوا ذلك، {بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} حجة بينة.
{أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} هذا إنكار عليهم حين جعلوا لله ما يكرهون، كقوله: {فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون} [الصافات- 149].
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا} جُعْلا على ما جئتهم به ودعوتهم إليه من الدين، {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} أثقلهم ذلك المغرم الذي تسألهم، فمنعهم من ذلك عن الإسلام.
{أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ} أي: علم ما غاب عنهم، حتى علموا أن ما يخبرهم الرسول من أمر القيامة والبعث باطل.
وقال قتادة: هذا جواب لقولهم: {نتربص به ريب المنون}، يقول: أعندهم علم الغيب حتى علموا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يموت قبلهم؟ {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} أي: يحكمون، والكتاب: الحكم، قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين تخاصما إليه: «أقضي بينكما بكتاب الله» أي بحكم الله.
وقال ابن عباس: معناه أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس به؟
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} مكرًا بك ليهلكوك؟ {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} أي: هم المجزيون بكيدهم، يريد أن ضرر ذلك يعود عليهم، ويحيق مكرهم بهم، وذلك أنهم مكروا به في دار الندوة فقتلوا ببدر.

.تفسير الآيات (43- 48):

{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)}
{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} يرزقهم وينصرهم؟ {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} قال الخليل: ما في هذه السورة من ذكر {أم} كله استفهام وليس بعطف.
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا} قطعة، {مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} هذا جواب لقولهم: {فأسقط علينا كسفًا من السماء}، يقول: لو عذبناهم بسقوط بعض من السماء عليهم لم ينتهوا عن كفرهم، {يَقُولُوا}- لمعاندتهم- هذا، {سَحَابٌ مَرْكُومٌ} بعضه على بعض يسقينا.
{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا} يعاينوا، {يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} أي: يموتون، حتى يعاينوا الموت، قرأ ابن عامر وعاصم يصعقون بضم الياء، أي: يهلكون.
{يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي: لا ينفعهم كيدهم يوم الموت ولا يمنعهم من العذاب مانع.
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} كفروا {عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} أي: عذابًا في الدنيا قبل عذاب الآخرة. قال ابن عباس: يعني القتل يوم بدر، وقال الضحاك: هو الجوع والقحط سبع سنين. وقال البراء بن عازب: هو عذاب القبر. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أن العذاب نازل بهم.
{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمنا عليهم، {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أي بمرأىً مِنَّا، قال ابن عباس: نرى ما يُعْمَلُ بك. وقال الزجَّاج: إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إلى مكروهك. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} قال سعيد بن جبير وعطاء: أي: قل حين تقوم من مجلسك: سبحانك اللهم وبحمدك، فإن كان المجلس خيرًا ازددت فيه إحسانًا، وإن كان غير ذلك كان كفارة له.
أخبرنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد القفال، أخبرنا أبو منصور أحمد بن الفضل البَرْوَنْجِرْدي، أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي، حدثنا أحمد بن عبدالله القرشي، حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جلس مجلسًا وكثر فيه لَغَطُهُ، فقال قبل أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا كان كفارة لما بينهما».
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: معناه صَلِّ لله حين تقوم من مقامك.
وقال الضحاك والربيع: إذا قمت إلى الصلاة فقل: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك».
أخبرنا أبو عثمان الضبي، أخبرنا أبو محمد الجراحي، حدثنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا الحسن بن عرفة ويحيى بن موسى قال: حدثنا أبو معاوية عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك».
وقال الكلبي: هو ذكر الله باللسان حين تقوم من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة.
أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدثنا محمد بن نافع، حدثنا زيد بن حباب، أخبرني معاوية بن صالح، أخبرنا أزهر بن سعيد الحرازي عن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة رضي الله تعالى عنها بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت: كان إذا قام كَبَّرَ الله عشرًا، وحمد الله عشرا، وسبح الله عشرًا، وهلل عشرًا، واستغفر عشرًا، وقال: «اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة».

.تفسير الآية رقم (49):

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)}
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} أي: صلِّ له، قال مقاتل: يعني صلاة المغرب والعشاء. {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} يعني الركعتين قبل صلاة الفجر، وذلك حين تدبر النجوم أي تغيب بضوء الصبح، هذا قول أكثر المفسرين. وقال الضحاك: هو فريضة صلاة الصبح.
أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور.

.سورة النجم:

مكية.

.تفسير الآية رقم (1):

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)}
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)}.
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} قال ابن عباس في رواية الوالبي والعوفي: يعني الثريا إذا سقطت وغابت، وهُويُّه مَغِيبه والعرب تسمي الثريا نجمًا.
وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رُفع» وأراد بالنجم الثريا.
وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب لفظه واحد ومعناه الجمع، سمي الكوكب نجما لطلوعه، وكل طالع نجم، يقال: نَجَمَ السِّنُّ والقرنُ والنبتُ: إذا طلع.
وروى عكرمة عن ابن عباس: أنه الرجوم من النجوم يعني ما تُرمى به الشياطين عند استراقهم السمع.
وقال أبو حمزة الثمالي: هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة. وقيل: المراد بالنجم القرآن سمي نجمًا لأنه نزل نجومًا متفرقة في عشرين سنة، وسمي التفريق: تنجيمًا، والمفرَّق: مُنَجَّمًا، هذا قول ابن عباس في رواية عطاء، وهو قول الكلبي.
الهُوِّيُّ: النزول من أعلى إلى أسفل. وقال الأخفش: {النجم} هو النبت الذي لا ساق له، ومنه قوله عز وجل: {والنجم والشجر يسجدان} [الرحمن- 6]، وهُويُّه سقوطه على الأرض. وقال جعفر الصادق: يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم إذ نزل من السماء ليلة المعراج، والهوي: النزول، يقال: هوى يهوي هويًا إذا نزل مثل مضى يمضي مضيًا.